/ عبدالقادر فاضل./
إن تقبل الواقع الجديد بعد أن تقسو الأقدار وتغدر بك المقربون هو أمر يتطلب شجاعة فكرية ووجدانية كبيرة. ففي لحظات الألم والخيانة، عندما يتحطم الأمل وتختل موازين الثقة، يظهر التحدي الأكبر في القدرة على التكيف مع هذا الواقع المُر. لكن، بالرغم من قسوة هذه التجارب، إلا أن قبولها يمكن أن يكون بوابة للانتصار على الذات وتجديد القوة الداخلية. عندما تجرحك الأقدار وتخذلك الأيادي التي كنت تظن أنها ستكون سندك في الأوقات الصعبة، يمر الإنسان بحالة من الصراع الداخلي. تصبح المشاعر متباينة، بين الألم، والخيانة، والحيرة. لكن الحياة لا تتوقف عند هذه اللحظات، بل هي سلسلة متواصلة من التحديات التي لا بد أن نواجهها. من هنا تأتي أهمية تقبل الواقع، وليس الانصياع للألم فقط، بل أن نفتح أعيننا على حقيقة أن ما يمر بنا من تجارب، مهما كانت قاسية، هو جزء من مسار أوسع وأعمق في حياتنا. إن تقبل هذا الواقع يتطلب منا أن نكون واعين بأن الحياة لا تقدّم دائمًا ما نريد، بل تقدم لنا ما نحتاجه لتطوير أنفسنا. وفي لحظات الضعف، يتعين علينا أن نبحث عن القوة داخلنا، وأن نستعيد ثقتنا بأنفسنا من خلال استيعاب هذه الخيبات كمحفزات للنمو. فالقدرة على تجاوز الألم هي التي تميزنا عن غيرنا، وهي التي تمنحنا فرصة لبناء أنفسنا من جديد، والعودة بشكل أقوى. كما أن الخيانة من المقربين قد تترك جرحًا عميقًا، ولكن لا يجب أن نسمح لهذا الجرح أن يعرقل مسيرتنا. فمن خلال التعلم من هذه التجربة، نكتسب حكمة جديدة في اختيار الأشخاص الذين يحيطون بنا، ونصبح أكثر قدرة على التعامل مع العلاقات الإنسانية بحذر ووعي. تقبل الواقع الجديد، إذاً، لا يعني الاستسلام، بل هو تحول داخلي يساهم في بناء شخصية أكثر نضجًا وقوة. في النهاية، عندما نتقبل الواقع كما هو، ونتجاوز آلامنا، فإننا نمنح أنفسنا الفرصة للانطلاق في رحلة جديدة. قد تكون هذه الرحلة شاقة في البداية، ولكنها حتمًا ستقودنا إلى آفاق أوسع وأعمق من الفهم الداخلي، وتتيح لنا الفرصة لنعيش حياة أكثر توازنًا واستقرارًا، بعيدًا عن أسر الماضي.