عبدالقادر فاضل/
في عالم تسوده التوترات والنزاعات، تظل الدعوة إلى التسامح واحدة من أسمى القيم التي يجب أن يتحلى بها الأفراد والمجتمعات على حد سواء. فالحياة قصيرة، والزمن يمضي بسرعة، وما من أحد يملك ضمانًا للبقاء. ومع ذلك، تبقى إرادة الإنسان في اختيار التسامح والتصالح مع نفسه ومع الآخرين، هي ما يعزز من سعادته ورضاه في هذه الحياة. يشير المختصون في علم النفس والاجتماع إلى أن التسامح ليس مجرد فعل نبيل، بل هو حاجة ماسة للسلام الداخلي وراحة البال. فالتسامح يساعد في تخفيف الأعباء النفسية التي قد تنشأ من الخلافات والصراعات المستمرة، ويُسهم في بناء علاقات أكثر صحية وتماسكًا بين الأفراد. "غدًا سنرحل جميعًا إلى الله"، هذه المقولة تحمل في طياتها تذكيرًا بأن الحياة زائلة وأننا جميعًا ماضون إلى مصيرنا المحتوم. إننا في هذه الحياة نعيش لحظات ثمينة، لذلك يجب أن نستثمرها في خلق بيئة من التسامح والمودة بيننا، بدلاً من أن نغرق في دائرة من الكراهية والضغائن التي لن تؤدي بنا سوى إلى مزيد من الألم والمشاعر السلبية. ويؤكد الخبراء أن التسامح لا يعني التنازل عن الحقوق أو السكوت عن الظلم، بل هو فعل من أجل التحرر من القيود النفسية التي تمنعنا من التقدم في الحياة. فالتصالح مع الآخرين هو رسالة أمل وسلام، وهو أسلوب حياة يعزز من التفاهم والتعاون بين الأفراد. في النهاية، يبقى التسامح الخيار الذي يفتح أمامنا أبوابًا من الفرص ويقربنا من حقيقة الحياة، التي لا تحتمل أن نبقى أسرى للماضي أو أن نضيع وقتنا في خلافات لا تجدي. فالسلام الداخلي يأتي أولاً من السلام مع الآخرين، وما بقى لنا في هذه الدنيا هو الأثر الذي نتركه في قلوب الناس.