طالما سمعنا وتغنينا بما قيل من أن "القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ". فهل حقا نحن شعبٌ (وليس أفراد قلائل) يقرأ؟ وهل يكمل القراءة إن بدأها؟ وهل يعي معناها إن أكملها؟ وإن وعاها، هل يطبقها؟. هل نحن شعبٌ يقرأ ما يفيده ام يستنفذ وقته بما لا يفيده؟ لنقل إن البلد الذي فيه كتاب يكتبون، لابد أن يكون فيه قراء كثيرون ومطابع تفي بحاجة الكٌتاب والقراء، لأن أصعب ما في مراحل الكتابة والطباعة والقراءة هي الكتابة باعتبارها المستوى المتقدم الذي يأتي كنتيجة حتمية لمرحلتي الطباعة والقراءة، فبدون القراءة لا فائدة من الكتابة والطباعة. والبلد الذي يطبع الكتب يمكن ألا يكون فيه كٌتاب كثيرون ولكن حتما" فيه من يقرأ الكتب التي تٌطبع فيه.
أما بلد شعبه لا يكتب ولا يطبع، فهل بالضرورة فيه من يقرأ؟ كيف نعرف أنه يقرأ؟ هل توجد دراسات أو إحصائيات تثبت ذلك؟ قد يكون هذا (وهو غير مؤكد) استند إلى ان مؤلفات كٌتاب بلد تطبع في بلد ثانٍ وتذهب إلى بلد ثالث. لكن من قال إن شعب البلد الثالث يقرأ هذه الكتب؟ قد يقول قائل؛ أن ما معروف؛ إن هذا الشعب مثقف. وحتى هذه مشكوك فيها في الوقت الحاضر!! من قال إنهم مثقفون؟ من المؤكد أن لدينا جيل يحمل شهادات جامعية أولية وعليا في مختلف الإختصاصات، إلا أن حملها لا يعني الثقافة ولا التعلم اللتان ترتبطان بالقراءة، فإن غابت هي غابا هما. لدينا أفراد لا يضعون المعرفة ضمن أولوياتهم والثقافة في مقدمة أهدافهم ولا يسعون للوصول إليها، ويتعاملون مع ضروريات الحياة بجهالة ويجيدون هدر الوقت رغم أنهم يتحججون بعدم وجود الوقت.
وإذا ما حاولنا التأكد من هذه الادعاءات، فستكون الجامعات ومكتباتها ومراكز البحث العلمي أفضل الأماكن لقياس العلم والتعلم والقراءة. فنجد معظم الطلاب ومنذ مرحلة دراستهم الابتدائية ولغاية الدراسة الجامعية الأولية (والعليا) يقرأون فقط ما في موادهم الدراسية لغرض إجتياز مراحلهم الدراسية ولا يقرأون كتابا" لا يدخل ضمنها طيلة ست عشرة سنة (أو أكثر) من حياتهم الدراسية. فهل نتوقع أنهم سيقرأون كتبا بعد تخرجهم وانشغالهم بالبحث عن عمل أو بناء أسرة ومستقبل؟! وإذا كان الطالب/الخريج كسولا" ولا يقرأ، فكيف سيتعلم؟ وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فماذا سيرد للمجتمع من أجيال؟ وكيف سيكون مستقبل البلد؟