رسالة ، غريبة في محتواها ، لون سطورها شاحب ، ومضمونها نميمة ، بثوب النصيحة ، وصلتني من قارئ ، لم يكتب اسمه ، وغرابتها تمحورت حول شأن خاص بي ، ولا اظن ان من حق القارئ ( الغامض ) ان يوجه كل حروف ” النُصح ” لي ، ليس لأنني اخطأت في شيء لا سامح الله ، بل لأنني كما تشير الرسالة ، دائما ما اكتب عن اصدقائي مشيدا بهم ، ولاسيما في صفحتي على وسائل التواصل الاجتماعي .. وقد حرتُ في مغزى هذه الرسالة ، ودواعي ارسالها لي ، وهل هي من صديق ( قديم ) تقطعت معه سبل التواصل ، فدبت ( غيرته ) ، فكتب ما كتب ، او ان في نفسيته شائبة معينة .. فله اقول : ان الصداقة الحقة في هذا الزمن المضطرب ، هي من هدايا الرحمن ، فهي عقل واحد في جسدين.. فهل هناك اجمل من ذلك ؟
قديماً ، شاعت مقولة مفادها ان اعظم ملفات الانسان .. هي حياته وان تنظيم حياة الانسان الشخصية تبعده عن الهموم وتطيل مشواره في الدنيا ، وان الانسان يمكن ان يصادق نفسه اولاً ، قبل ان يفكر في صداقة الآخرين وانه يستطيع ان يحاور نفسه بنفسه ، وبطبيعة الحال فان هذا المنحى خطير في الطبيعة البشرية .. وكثيرا ما أحدث نفسي وانا اشاهد بعض الذين ابتلوا بفقدان الصداقة ، بالقول ان الماء إذا ما سكن ، اصبحت صفحته كالمرآة يرتسم فيها كل شيء وكذلك الصداقة العميقة ، لا تصفو ولا ترتسم الاشياء في صفحتها ، واضحة إلاّ اذا هدأت النفوس وسكنت .. فالصداقة مرآة النفوس الرقيقة ..
ولصاحب الرسالة ، مهما كانت مراميها ، اشير الى ان المرء اذا ما حظيّ بصديق ، صدوق ، فأن الحياة تكون امامه جميلة حتى لو اعتراه خطب او ألم او معاناة ، فالصديق الحق لا يجعل نفسك تهرب الى الظلام لتحاكيها خلسة ، بل ستجده معك تحاوره ويحاورك ، وان الصديق الذي تهواه نفسك ، هو الشخص الذي يعرف أغنية قلبك ، ويستطيع أن يغنّيها لك عندما تنسى كلماتها !
هنيئا لي بأصدقائي ..