كتب ؛ عبدالقادر فاضل. / في وقتٍ يتوجب فيه على الدول تقدير جهود أبنائها الذين خدموا في مختلف المجالات، وبينما يجب أن تُمنح حقوق المتقاعدين على طبق من احترام، نجد أنَّ بعض الحكومات لا تكتفي بتكريمهم، بل تعمد إلى فرض استقطاعات إجبارية من رواتبهم الشهرية. هذه الاستقطاعات التي لا سند قانوني لها تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق المتقاعدين، وتُعد خرقًا صريحًا للقوانين والنظم التي تكفل للمواطنين حقوقهم. إنَّ المتقاعد هو شخص قدم سنوات طويلة من العمل والعطاء في خدمة الدولة، وساهم بشكل مباشر في تطوير الاقتصاد الوطني والارتقاء بمختلف المؤسسات. وعليه، فإنَّ ما يحصل عليه من راتب تقاعدي يجب أن يكون مكافأة عادلة على تلك السنوات الطويلة من الخدمة، ويُفترض أن يتمتع هذا الراتب بحماية قانونية تضمن له استقرارًا ماليًا في مرحلة ما بعد التقاعد. إلا أنَّ العديد من المتقاعدين يعانون في الواقع من استقطاعات مالية غير مبررة، تُنفَّذ تحت مسميات متعددة، مثل "استقطاعات صحية"، أو "مساهمات اجتماعية"، أو حتى "تسويات مالية"، ولكن دون وجود أي مبرر قانوني لهذه الاستقطاعات. في كثير من الأحيان، لا يتم إعلام المتقاعد بتفاصيل هذه الاستقطاعات أو الأسس القانونية التي تُفرض بموجبها، مما يضع المتقاعد في موقف صعب، ويشعره بالتهميش وعدم الاحترام لحقه المكتسب. وتتسارع هذه القضية لتصبح أكثر إلحاحًا مع ازدياد الشكاوى من المتقاعدين الذين يشعرون بأن هذه الاستقطاعات تؤثر سلبًا على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية في الحياة. فبعد عقود من العمل والتفاني، يواجهون الآن تهديدًا للعيش الكريم بسبب إجراءات غير قانونية وغير مبررة. إنَّ الحكومة مطالبة بإعادة النظر في هذه السياسات، واحترام حقوق المتقاعدين وفقًا للقوانين المعمول بها. ويجب أن يتم توفير آلية شفافة وواضحة لكيفية احتساب الرواتب التقاعدية وأي استقطاعات قد تُفرض عليها. كما يجب أن تكون هناك آليات للمحاسبة والمراجعة لضمان عدم وجود أي استقطاعات تضر بحقوق المتقاعدين. وفي الوقت ذاته، على المؤسسات المعنية أن تُعزز من برامج الرعاية والدعم للمتقاعدين، وذلك بتقديم الخدمات الصحية والمالية التي تضمن لهم حياة كريمة بعد سنوات طويلة من العمل. فمن غير المقبول أن يتحول المتقاعدون إلى ضحايا لقرارات غير عادلة تسيء إلى تاريخهم وخدماتهم. ختامًا، يجب على الحكومة والمجتمع أن يعيَا أنَّ تكريم المتقاعدين لا يتوقف عند كلمات الشكر، بل يجب أن يتجسد في أفعال حقيقية تضمن لهم احترام حقوقهم، وضمان استقرارهم المالي والاجتماعي.