مرت الأيام ثقيلة منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، وأعقبتها الأسابيع ثم لحقتها الأشهر، وما زال الزمن يغذ السير بسرعة البرق، دون أن يشهد البلد اختيار رئيس للجمهورية متفق عليه، من أجل أن يتحرك قطار رئاسة الوزراء نحو اسم رئيس للوزراء، ثم انبثاق حكومة جديدة تتحمل المسؤولية لإنهاء الاختناق والانسداد السياسي، والتجاذبات، والتباين في المواقف والآراء، بينما نلاحظ أن الشعب يقف تحت مظلة واهنة أمام مستشفى الأقدار بانتظار الولادة التي طال انتظارها!
وبعيداً عن مساحة الشكوك التي رافقت الانتخابات، وصدقيتها من عدمها، أو ادعاءاتها، فإن شظايا قنبلتها، وتداعياتها كانت هي العصا التي عرقلت دوران الحياة السياسية المأمولة، وهذا يدعو إلى وقفة شاملة من كل القوى للقيام بحملة وطنية سريعة، قبل أن تنهار سدود المجتمع، ويحدث فيضان كبير لا يمكن وقف أثاره، فقد تعب المواطنون كثيراً من هموم مرئية وغير مرئية، يمكن تشبيهها بالزجاج الذي ينكسر من أصغر حجر يضربه، ولا نريد أنْ يكون الشعب ذلك الحجر، والحليم تكفيه الإشارة، فالضغط المجتمعي، أخطر ما يواجه الأمم، ولست متطفلاً بالقول، إن الكل ينظر بعتب للكل، والجميع يجول بنظرات الشك على الجميع، وإن القلق أصاب الجسد العراقي برمته.. وإن الجميع يطالبون بحل سريع.
شخصياً لستُ من المؤمنين في براءة، ما رافق جو الانتخابات، بدلالة التصريحات المتضاربة، كما لستُ من المشككين بها، لكن قضية التأخير في تسمية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، أصابت الوجدان العراقي بوخزة، شديدة الألم، حتى إنني بت أشك، بأن ما جرى، ويجري لا يتعدى كونه لعبة من نوع جديد، وبوجه جديد، تهدف إلى تحقيق مراميها، بدربة عالية الدقة، فللأمور السياسية أكثر من قناع ووجه، والحاذق من يتعرف على وجهين منها، من عدد لا يحصى من الوجوه والارتباطات!
التساؤل الذي أطرحه الآن هو: لماذا يبحث من خسر الانتخابات عن مثالب من فاز، ولماذا يكيل من فاز التهم على من خسر؟.