تبقى ظاهرة عميد الصحافة العراقية الاستاذ سجاد الغازي ، منارة للطموح والشجاعة ، وحين يتعمق المرء في مسيرته ، فأنه يجدها بيضاء ونقية في المحافل السياسية والصحفية على مدى سنواته الطويلة في مختلف الميادين المجتمعية التي يفخر بها ، فكلها علامات على طريق النقاء والصدق وتحمل المسؤولية .
وحين اذكر عبارة ( ظاهرة ) فأنني اعنيها بقوة ، فأستاذنا الغازي اينما يحل ، فأنه يبني اثرا ملموساً يحفره بفكره وقلمه ونبله ، وقد اشّر كثيرون من الذين عاصروه في حياته ، عشرات ومئات من المواقف في مسيرته الجهادية في الصحافة والسياسة التي عبرت الحدود ، لتصل الى الوطن العربي الكبير ، وهي مواقف عروبية اصيلة ، وقد لاحظتُ ان العمل المهني في الصحافة غلب على نشاطه السياسي .. وحسنا فعل زميلنا العزيز مليح صالح شكر حين اطلعنا على وثيقة نشرتها جريدة ( الجريدة ) لصاحبها الاستاذ فائق السامرائي ، وسكرتير تحريرها الاستاذ احمد فوزي في عددها يوم الاربعاء 16 كانون الاول سنة 1953 وفيها نعرفُ ان الاستاذ الغازي انتخب مساء يوم الجمعة 11 / 12 / 1953 عضوا في هيئة ادارة بغداد لحزب الاستقلال ( الرقم 5) برئاسة محمد مهدي كبة ذو الميول القومية والمناهض للاحتلال البريطاني ، وكانت له جريدة معروفة تحمل اسم ( لواء الاستقلال ).. هذا الانتخاب المهم ، في حزب كبير، لم يمنعه من مزاولة عمله الصحفي العام ، بل بقى اسما مؤثرا في الساحة الصحفية العراقية ، فقلمه الجميل ، ذو العبارة الانيقة ، وفكره الوطني كانا من سماته المهنية ، واستمر في عطائه الثر سنوات طوال .. وهو عطاء لا تكفيه هذه العجالة ، ولاسيما في عمله المهني كشخصية نقابية ، متفانية في دعم الاسرة الصحفية ..
وشخصيا ، لا زلتُ اعيش فرحاً لا حدود له ، حين قرأتُ يوم 17 حزيران سنة 2019 ما نشرته صحيفة “الزمان” مقالا لعميد الصحافة العراقية الاستاذ سجاد الغازي لمناسبة عيد الصحافة العراقية ، حيث فوجئت باختياره للعبد الفقير لله في ذلك المقال حمل الراية من بعده ، وعاهدت نفسي امام الله ان اكون عند مسؤولية وشرف هذه الامانة التي حملني اياها ، متمنيا له العمر المديد والصحة الدائمة ..
ان استاذنا ، وحادينا في مسيرتي الصحفية التي شارفت على 57 سنة ، علمنا ان عين الصحافة الحقة ، المدركة لمسؤوليتها ، لها افق واسع الطيف وحين تعرض حالة او قضية مجتمعية ما ، فأنها تؤمن بان ما تطرحه لا ينبغي ان يُعالج من الظاهر فقط ، معالجة زخرفية ملونة تنعقد فيها الخطوط والالوان في افتراق وتلاق عجيب ..انما ان تتم المعالجة من الجذور الأصلية ، ثم نمضي من هذه الجذور حتى ننتهي الى اطراف الاغصان المتدلية ، حيث قرار المعالجة الصحيح ، اما غير ذلك فهو لون من اللامبالاة لا تفيد الامور في شيء قليل او كثير.. نعم ، ان الاستاذ الغازي ، معلّم كبير في مهنة الصحافة ، له فراسة فريدة معرفة الاشخاص الذين ، يمكن ان يكونوا صحفيين في المستقبل ، وفعلاً ، كان يسرني بأسماء طرية العود ، مقتنع بموهبتهم ، ثم تدور السنين ، فإذا هم اصبحوا من الاسماء اللامعة في الصحافة والاعلام ، والامثلة كثيرة ، وكثيرة جدا.
شكرا لك اخي وزميلي العزيز المقيم في نيويورك مليح صالح شكر ، فالوثيقة التي اطلعنا عليها كبيرة في معناها ..