الدراسة والتميز في الحياة . ضياء المياح
لأن شباب العراق هم مستقبل البلد الواعد الذي نتمنى أن يكون مشرقا، وعنوانه الذي نأمل أن يكون بهيا، ولأن بناء جيل الشباب يحتاج الى توصيف وتخطيط وتنظيم وتطبيق صحيح لمفردات الحياة وأولها ما اكتسبوه من علوم وما تكون لديهم من معارف في حياتهم الدراسية باعتبارها أساس البناء الذي سيقوم عليه مستقبلهم ومستقبل البلد، فلابد من أن نبين إن حالهم أيام الدراسة الجامعية الأولية لا يعني بالضرورة نفس الحال لما بعدها كالانخراط في العمل أو تكملة الدراسة العليا.
الأمر المعتاد في حياتنا أن يكون المتميز في دراسته الأولية (البكالوريوس) متميزا في دراسته العليا وعمله وحياته، ذلك أن المواظبة على الدراسة والالتزام بالحضور ثم الحصول على تقييمات عالية طيلة او معظم مراحل الدراسة تعني فهما لأهمية الدراسة والمنافسة في الحياة وتعني أيضا أن المتميز يعرف كيف يؤسس حاضره ليبني مستقبله. هذه الصفات تجعله متميزا في النظرة للأمور والتدبر للآتي ليكون متميزا في عمله وحياته. هنا لابد من الإشارة ان لكل قاعدة شواذ، وقد يكون الشاذ في هذا الموضوع بنسبة ليست قليلة. إذ ليس كل المتميزين في دراساتهم الجامعية الأولية استطاعوا أن يكملوا دراساتهم العليا أو نجحوا في حياتهم العملية.
لهذا سنقلب المفهوم المعتاد ونقول أن ليس كل من كان غير متميزا في الدراسة الجامعية الأولية يجب أن يكون غير متميز في دراسته العليا وعمله وحياته، بل قد يكون كثير ممن أكملوا دراساتهم العليا أو تميزوا فيها أو نجحوا نجاحا كبيرا في أعمالهم وحياتهم هم ممن كانوا طلابا عاديين أيام الدراسة الجامعية الأولية. ذلك ان التميز في الدراسات العليا لاسيما مرحلة البحث وكذلك التقدم في العمل يتطلب أشخاص يملكون رغبة عارمة وإرادة صلبة ليبنوا أو يصححوا مسار حياتهم، وبالجهد وليس الأماني وأحلام اليقظة اختاروا أن يكون لهم عناوين متميزة من الشهادات العليا ومواقع متميزة في أماكن عملهم، ولم يكن همهم استلام الراتب نهاية الشهر وتجاهل مرور الأشهر والسنوات وانتظار الزوج والأولاد والسير في حياة روتينية واعتيادية. أنهم أشخاص أرادوا أن يتركوا بصمة مميزة لهم في حياتهم وأن يجعلوا أفراد عوائلهم وكل من ينتسب لهم بصلة فخورين بذكرهم وارتباطهم بهم.
على الطالب في مرحلة الدراسات الجامعية الأولية أو من تخرج منها أن يتعلم كيف يعيد النظر في حساباته وأن يقارنها بأفضل الحالات الموجودة في بيئته، وأن يكون تخطيطه مبنيا على امكاناته وواقعه نحو وضع أحسن مما هو عليه وأن وصل إليه حديثا، عليه أن يتطلع نحو مواصفات وامتيازات ووضع أفضل مما هو عليه الان وأن تتناسب ومستوى تفكيره وطموحه على أن لا تعلو على إمكانياته التي سيتخذها أساسا للوصول لما يبتغي الوصول إليه. هذه بالتأكيد ليست دعوة للتكاسل والتماهل في الدراسة، أنها دعوة للصحوة والتفكر والنهوض ولنقول لمن فاته أو فاتها التميز في مرحلة أو مراحل من الدراسات الأولية أن أمامه أو أمامها فرص عديدة وطريق مفتوح لأن يكون أكثر تميزا في ما تبقى منها او في الدراسات العليا والعمل ثم في الحياة كلها.
ضياء شمخي