دولة بلا تعليم.. دولة بلا مستقبل ..ضياء المياح.
لا يمكن أن نتصور إن بإمكان أية دولة البقاء والتطور والاستمرار دون التفكير في مستقبل أجيالها القادمة. أن قوة الدولة هو في تخطيطها الاستراتيجي لمستقبل زاهر للأجيال القادمة وتحقيق الاستدامة لمجتمعها وبيئتها وإنسانها. هذا التخطيط يفترض أن يكون قابلا للتطبيق بحسب مراحله وتوقيتاته ومبنيا على إمكانات بشرية ومادية موجودة أو ممكنة الوجود. فالتعليم هو بناء الحاضر لضمان المستقبل وهو التكلفة التي يدفعها الجيل الحالي ليؤمن مستقبل الأجيال القادمة.
إن بناء منظومة تعليمية متطورة يتطلب إمكانات وجهود كبيرة وخطط واضحة وعزيمة أكبر وكفاءات متخصصة تعرف من أين تبدأ وكيف تسير وفقا لمتطلبات كل مرحلة وحدودها الزمانية والربط الصحيح بين المراحل لتحقيق الأهداف المرحلية للوصول إلى الأهداف الكبرى. هذا الأمر يستلزم تسخير إمكانات الدولة الاقتصادية والسياسية والعسكرية لتحقيق أهداف التعليم الكبرى وأولها بناء دولة متقدمة في امكانياتها ومحققة الرفاهية لشعبها.
بالرغم من الأهمية الكبرى لقوات الدولة الأمنية والعسكرية ولمواردها الطبيعية ولزراعتها وصناعتها وارضها ومائها وسمائها وموقعها الاستراتيجي، فإن الأساس الحقيقي لبناء الدولة هو الإنسان ولا يبنى هذا الإنسان بدون تعلم وتعليم. لهذا فإن بداية البناء هو التعليم أولا وثانيا وثالثا حتى تحقيق أهدافه والاستمرار بالتحقق والتطور المتواصل ليعمل بالتزامن مع جميع الاختصاصات وفي شتى المجالات.، على أن يشمل هذا التعليم جميع مراحله بدءا من الحضانة والروضة والمدرسة الابتدائية لغاية مراحله العليا على وفق منظومة تعليمية متكاملة الأركان والمتطلبات وواضحة الرؤى والأهداف وكفوءة بالمخرجات.
إن أهم ما في مخرجات منظومة التعليم هو الأنسان وهو من سيرتب أوراق البلد في مختلف مجالاته ويحدد أولوياته ويبدأ بنائه ليلبي متطلباته واحتياجاته. وحيث ما وجدت منظومة تعليم كفوءة، وجدت مخرجات قادرة على بناء البلد وتنميته وتحصينه من كل المخاطر. فإلى أي مدى تعمل منظومة العراق التعليمية لتخرج لنا أجيال قادرة على بناء بلدا قويا يستطيع أن يقف أمام مصاعب الزمن وتقلباته ويواجه التحديات وينافس البلدان المتقدمة علميا ويحقق الرفاهية الدائمة لشعبه.