انتقلت بؤرة فيروس كورونا من الصين إلى إيران، ثم قفزت إلى إيطاليا، وتحولت إسبانيا فجأة إلى ثاني أكبر دولة تتفشى فيها "الجائحة".
ورغم أن كوريا الجنوبية كانت من أولى الدول التي تفشى فيها كورونا، إلا أن الملاحظ أنها تمكنت من احتواء الوباء، والحفاظ على معدلات يومية للإصابات والوفيات، أقل بكثير مما هو مسجل في دول أوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا.
أما ألمانيا المعروفة بامتلاكها أحد أقوى الأنظمة الصحية في العالم، فتسجل معدل إصابات عاليا جدا، لكن المثير للاهتمام أن المعدل اليومي للوفيات مقارنة بالإصابات محدود جدا، خاصة إذا قارناه بدولة مثل إيران.
** الصين مهد كورونا.. هل تكون قبره؟
لأسابيع ظل العالم مشدوها أمام سرعة تفشي كورونا في الصين انطلاقا من مدينة ووهان الصناعية، ولوهلة بدا ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تنينًا من ورق، عاجزا عن مجابهة فيروس صغير.
لكن من خلال الإحصاءات المعلنة، تخطت الصين ذروة تفشي الوباء، بعد أن سجلت 21 حالة فقط، الثلاثاء الماضي، مقارنة بأكثر من 14 ألف إصابة بيوم واحد، في 12 فبراير/ شباط الماضي.
ورغم أن مجمل الإصابات لديها فاق 80 ألفا، محتلة المرتبة الأولى عالميا، إلا أن عدد المتعافين كبير جدا، ويدعو للتفاؤل، إذ تجاوز 69 ألف حالة.
وبعد طرح أكثر من 3200 وفاة من إجمالي الإصابات، لم يتبق لدى الصين سوى أقل من 9 آلاف حالة نشطة، ما يضعها بالمرتبة الرابعة عالميا من حيث تفشي الوباء، خلف كل من إيطاليا وإسبانيا وإيران.
وتراجع عدد الوفيات اليومي إلى 13 حالة، الثلاثاء، بعدما بلغ ذروته في 23 فبراير، عندما سجل 150 وفاة.
** إيران.. نقطة الضعف العالمي
من بين 15 دولة تجاوز فيها عدد الإصابات بكورونا ألف حالة، توجد إيران في الوضع الأسوأ، فهي الأقل تقدما من الناحية الطبية، كما أن العقوبات الأمريكية والدولية تزيد الأمر تأزما، وهذا ما دفع وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، إلى توجيه نداء استغاثة عالمي لنجدة بلاده من الفيروس.
فعدد الإصابات في إيران تجاوز 16 ألفًا، والوفيات قاربت ألفًا، ورغم أن معدل الإصابات اليومي تراجع من 1365 حالة في ذروته 14 مارس/ آذار، إلى 1178 في 17 مارس، إلا أن هذا التراجع ما زال محدودا، كما أنه متذبذب ولا يمكن البناء عليه.
وأخطر ما في الأمر، أن بؤرة كورونا انطلقت من مدينة "قم" المقدسة لدى الشيعة، وهو ما أدى إلى انتشارها في عدة دول مجاورة مثل لبنان والعراق.
** إيطاليا تتحول إلى المعقل الأول لكورونا
إذا حيّدنا الحالات التي شفيت والتي توفيت، وأخذنا بمؤشر الحالات النشطة فقط، فإن إيطاليا تصبح أكبر بؤرة لكورونا في العالم، بنحو ثلاثة أضعاف الحالات النشطة في الصين.
فالإصابات في إيطاليا حتى صباح الأربعاء، تجاوزت 31 ألفًا، مقابل نحو 9 آلاف في الصين، فانتشار الوباء في هذا البلد المتوسطي رهيب، ومنذ اكتشاف أولى الحالات منتصف فبراير، ومؤشر الإصابات لا يعرف نزولا إلا ليرتفع.
فإيطاليا أصبحت الأولى في عدد الإصابات المسجلة يوميا بـ 3526 حالة الثلاثاء.
كما أنها الأولى من حيث عدد الوفيات المسجلة في يوم واحد (345 وفاة)، ليرفع إجمالي الوفيات إلى قرابة 3 آلاف خلال شهر واحد فقط، ما يعكس حجم المأساة التي تعانيها البلاد، إذ لم تعرف لها مثيلا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1945).
** إسبانيا.. الفيروس يفلت من لجامه
رغم أن اكتشاف أولى الإصابات بكورونا في إسبانيا كان منتصف فبراير، إلا أن الحالات كانت قليلة جدا، ولم تتجاوز 100 مطلع مارس، لكن بعد الأسبوع الأول من هذا الشهر، تضاعف الرقم بشكل كبير ليتجاوز 500، وفي نهاية الأسبوع الثاني، قفز بشكل هائل ليفوق 6300 إصابة، وخلال 3 أيام فقط تجاوز 11 ألفًا و800.
فجأة أصبحت إسبانيا، إحدى أكثر البلدان المتوسطية جذبا للسياح، تقارع الدول الأكثر إصابة بكورونا، ولم تتفوق عليها في عدد الحالات اليومية سوى إيطاليا، حيث سجلت الثلاثاء 1467 إصابة، متجاوزة ألمانيا وإيران والولايات المتحدة وبريطانيا.
معدل الوفيات اليومي هو الآخر جاء مرتفعا، وسجلت إسبانيا 168 وفاة، الثلاثاء، خلف إيطاليا وقبل إيران.
** ألمانيا.. وفيات أقل رغم تفشي الوباء
لم تستطع الماكينة الألمانية وقف زحف فلول الفيروس إلى البلاد، وسجلت الثلاثاء أحد أعلى معدلات الإصابات اليومية (1367)، ليفوق إجمالي الحالات 9300.
لكن اللافت أن عدد الوفيات اليومي لم يتجاوز 6 حالات، وهو معدل جد ضعيف مقارنة بعدد الإصابات اليومي، فكوريا الجنوبية سجلت نفس عدد الوفيات الثلاثاء، لكن الإصابات في نفس اليوم لم تتجاوز 84 حالة، أي أكثر من 16 ضعفا.
وهذا المعدل المتدني للوفيات، رغم تفشي الوباء، يعكس مدى متانة النظام الصحي والرعاية الطبية في ألمانيا.
** كوريا الجنوبية تجاوزت الأسوأ
بلغت ذروة تفشي الوباء لدى كوريا الجنوبية في 3 مارس، عندما سجلت 851 إصابة في يوم واحد، قبل أن تتراجع الثلاثاء إلى العشر عندما سجلت 84 إصابة، ترفع الإجمالي إلى أكثر من 8400.
ورغم قرب كوريا الجنوبية من الصين، مهد كورونا، إلا أنها تمكنت من مواجهة الفيروس بأقل قدر ممكن من الخسائر، حيث لم تسجل سوى 6 وفيات الثلاثاء، ليرتفع إجمالي حالات إلى 84 وفاة، حتى فجر الأربعاء.
أما مؤشر الإصابات النشطة فتراجع من 7362 (الذروة) في 11 مارس، إلى 6838، الثلاثاء، وسجلت كوريا الجنوبية أعلى معدلات الشفاء بأكثر من 1400 حالة.
** "العملاق" الأمريكي يصطدم بالكابوس العالمي
الوضع في القوة العالمية الأولى لا يبشر بخير، فمنحنى ارتفاع الإصابات بالولايات المتحدة "صاروخي"، حيث لم يكن عدد الإصابات في 1 مارس سوى 65 حالة، ليرتفع الرقم بعد 17 يوما فقط، إلى 6524، منها 1060 إصابة الثلاثاء فقط.
فكورونا ينتشر كالنار في الهشيم بالولايات المتحدة، وعدد الوفيات ارتفع بسرعة بداية من مطلع مارس، من حالة واحدة إلى أكثر من 116 حالة، منها 16 وفاة الثلاثاء.
ورغم أن الرئيس دونالد ترامب، أبدى تفاؤلا بإمكانية انحسار الوباء عالميا في أبريل/ نيسان المقبل، مع ارتفاع درجات الحرارة، إلا أنه خفض توقعاته إلى الصيف المقبل.
في حين أن ترياقا جديدا للوباء، ربما لا يكون متاحا على نطاق واسع إلا في 2021، لكن تبقى الآمال في أن يتم الأمر أبكر من ذلك، للتخلص من هذا الكابوس العالمي