وعد الإنسان هو مبدأ أخلاقي والتزام إنساني وهو كذلك موقف يقاس عليه صاحب الوعد نفسه. وقد تكون هذه الكلمة (الوعد) أكثر من مبدأ والتزام وموقف حين تكون مؤشرا لمستقبل علاقة أو ارتباطعمل أو حياة اجتماعية، فأن خرجت من فم الإنسان، فكأنها وثقت أشد المواثيق ويجب أن تكمل بالتصرف المناسب. وقد يعتقد البعض أن أسهل أنواع الوعود هو الالتزام بالحضور وقت اللقاء وأن أصعبها هو أداء ما تم الاتفاق عليه بالكتابة أو القول. الحقيقة أن كل حالات الوعد هي كلمة كبيرة لمن يعرف معنى الالتزام ولا قيمة لها لمن لا يعرف ذاك المعنى.
في بعض مجتمعاتنا الإسلامية والشرقية وقل العربية تحديدا،يحاول البعض ترسيخ ثقافة مغلوطة لمصلحة جنس معين أو لتبرير عدم التزام الجنس الآخر. إذ يتباهى البعض فخرا بأن الرجل كلمة والمرأة هي ظل لكلمة الرجل وأن الرجل يجب أن يلتزم بكلمته والأمر سيان للمرأة إن التزمت بكلمتها ام لم تلتزم. قد نفهم أو نتقبل على مضض أن يحاول بعض المرضى من الرجال تقزيم المرأة من خلال برهنة هذه الثقافة، لكن غير مفهوم لدينا أن تقبل نساء ليس قليلات بهذا التقزيم أو يسعين لإثبات هذه الثقافة أو على الأقل عدم المبالاة بوجودها لاسيما إذا أظهرن عدم التزامهن الفعلي بما يوعدن به. واحدة من الزوجات تطالب زوجها بأن يفي بوعوده كل مرة والسبب أنه رجل عربي ومسلم ويجب أن يلتزم بكلمته، وعندما لا تفي هي بوعد من وعودها تقول له "أنا أمراه" أو "ماذا تترجى من عقل إمراة".
نحن نعرف أنه قد يكون رجل واحد في مجتمعاتنا العربية يعادل الاف الرجال في كلمته وموقفه أو أن إمراة واحدة تعادل عشرات ومئات بل وآلاف الرجال في كلمتها وموقفها وشخصيتها. لهذا فالالتزام بالكلمة/الوعد أمر ليس هينا ومن هنا نفهم أن لكلمة/وعد الإنسان قواعد ومتطلبات، فأن لم تك قدا لكلمتك يا أيها الرجل و يا أيتها المرأة فلم قلتها أو قلتيها أصلا! لماذا لم تلتزم بكلمتك ووعدك؟
يا من وعدت ولم توف بوعدك؛ هل كنت تعرف أو أنك اكتشفت لاحقا"أنك غير قادر على الالتزام بها؟ وأن اكتشفت عدم قدرتك على الوفاء،لماذا لم تخبر شريكك قبل وليس بعد موعد الوفاء وتشرح له وجهة نظرك فيما يتعلق بعدم قدرتك أو تغير ظروفك التي تحول دون التزامك بما الزمت نفسك به؟! هل اكتشفت لاحقا" أن التزامك بكلمتك سيكون معصية لخالقك؟ أم أنك تعرف ومنذ البداية أنك ستعصي الرب أن التزمت بكلمتك؟ عندها نسألك عمن أجبرك على أن تعطي كلمة كنت تراها أو ستراها معصية للرب؟ ام أنك في حقيقتك شخص مراوغ ومخادع تحاول أن ترتب وتغير كلمتك وخطابك ونظرتك للحلال والحرام بحسب تغير مصالحك الشخصية؟!! ام تراك فخورا حينما تشعر بقدرتك على أن تضحك على الآخرين!!
يا من لا وفاء لوعوده؛ لماذا تطلب من الآخرين أن يعذرونك ويسامحونك ويحسنوا الظن بك إن لم تلتزم بكلمتك ولا تعذرهم أن رأوك غير ملتزم. فإن كنت ترى في نظرتهم هذه عيبا، فأنظر لعيبك في عدم الالتزام أولا ثم فكر في وجهة نظرهم!! أشخاص لا يعرفون معنى الالتزام ولا يفقهون الوفاء سيكتشفون يوما" أن ما لم يلتزموا به أظهر حقائق شخصياتهم السلبية أمام الآخرين وأن عدم التزامهم ضيع عليهم أشخاصا وعلاقاتٍ وفرصٍ قد لا تتكرر مستقبلا.
ضياء المياح