.. كل دول العالم وطبقا" لحاجتها الماسة تستورد العلماء والكفاءات العلمية وأصحاب الإختصاصات النادرة غير المتوفرة في شعوبها على وفق ضوابط وشروط أهمها المحافظة على سيادة البلد واقتصاده وبنائه الاجتماعي والأمني وتجارب ماليزيا ودول الخليج على سبيل المثال في هذا المجال رائدة. والبلد الذي يخالف هذا النهج هو العراق، فبالرغم من توفر الإمكانات البشرية لديه ومستوى البطالة التي يعاني منها شبابه بالإضافة إلى ظروفه الاقتصادية غير المستقرة، فهو يستورد العمال والمتسولين العرب والأجانب الذين تجدهم يملئون المحلات التجارية والمطاعم والأسواق والمستشفيات والشوارع وحتى الجامعات، فضلا" عن الشركات النفطية والاستثمارية. إن إثارة هذا الموضوع ليست من باب الأنانية أو قطع أرزاق الأخرين، بل من باب الحرص على اقتصاد البلد ومستقبل أجياله وترتيب أولوياته. هذا الموضوع يثير أسئلة لها أول وما لها أخر. منها على سبيل المثال وليس الحصر؛ كيف دخل العمال والمتسولين العرب والأجانب العراق؟ هل هناك ضوابط وإجراءات قانونية تستخدم لانتقاء الداخلين بسمات العمل ام ان سوق العمل العراقي مفتوح لغير عراقيين بدون ضوابط وشروط؟ هل يعقل أنهم دخلوا بسمة عمل وشباب العراق يعاني البطالة؟ وإذا علمنا أن طبيعة أعمال هؤلاء هي التنظيف والبيع وخدمة المطاعم والتسول، فما هي الحاجة لمثل هؤلاء؟ وهل أن جميع هؤلاء مسجلين في دائرة الإقامة والدوائر ذات العلاقة بمعلومات صحيحة وكاملة؟ وإذا كانت هذه الأسئلة تتعلق بالعمال منهم، فماذا بشأن المتسولين العرب والأجانب في شوارع بغداد ومحافظات أخرى؟ إذا تجاهلنا المتسولين وموضوعهم لا يقل أهمية عن العمالة المستوردة، من حقنا أن نتساءل؛ هل بقيَ لشبابنا مكان عمل في السوق العراقي يمكن أن يشغلوه؟ إذا لم يكن ثمة مكان عمل لهم، أين يعمل الشباب العراقي إذن؟ وكيف سيكون حالهم ومستقبلهم إذا زادت أعداد العمالة المستوردة من دول أخرى؟ ومن وجهة نظر أخرى، نحتاج إلى دراسات علمية رصينة لتجيب على أسئلة مثل؛ لماذا لا يعمل الشباب العراقي في هذه الأماكن والمجالات؟ هل عجز (أو تعاجز) شبابنا عن العمل رغم حاجتهم إليه؟ هل أن تفضيلهم للوظيفة الحكومية جعلهم يعزفون عن العمل في القطاع الخاص تاركيه لعاملين من دول أخرى؟ لماذا يٌفضل أصحاب العمل العراقيين العمالة غير العراقية على العراقية؟ نعم نحتاج إلى دراسة الموضوع بجدية لأن مستقبل شباب العراق بات مجهولا"!! ضياء المياح