عودتنا وزارة التربية ومنذ سنوات على قطع خطوط الإنترنيت عن جميع العراقيين بموافقة مجلس الوزراء لمدة أربع ساعات (غالبا" ما تكون من الرابعة فجرا" ولغاية الثامنة صباحا") في أيام امتحانات البكالوريا الوزارية للمراحل المنتهية في الدراستين المتوسطة والإعدادية تجنبا" لتسرب الأسئلة وحدوث الغش قبل/إثناء مواعيد الامتحانات. ويبدو الموضوع وكأن تأمين هذه الامتحانات بدون قطع الإنترنيت عن عموم العراق غير ممكن لوزارة التربية والجهات ذات العلاقة إن لم يكن خارج سيطرة إمكانات الدولة، وإلا كيف يفسر تكرار هذا القطع لأربع مرات سنويا (الدورين الأول والثاني لمرحلتين دراسيتين). وبنفس الوقت فإن قطع الإنترنيت يعني أن وزارة التربية لا تثق بالعاملين لديها من أعضاء لجان الامتحانات الوزارية المعنيين بوضع الأسئلة واختيارها وأصحاب العلاقة في مديريات التربية، فضلا عن عدم ثقتها بمديري ومراقبي المراكز الامتحانية لأن تسرب الأسئلة إنما يحدث بسبب واحد أو أكثر من بين هؤلاء العاملين. ولأن قطع الإنترنيت دليل دامغ على عدم قدرة السلطات المختصة على منع التسرب المتكرر للأسئلة الوزارية وهو أيضا سلب لحق المواطنين في هذه الخدمة، فإن على وزارة التربية توصيف وتقويم الأعمال والإجراءات وتحديد المسؤوليات في طريقة إعداد الأسئلة واختيارها وتوزيعها ووصولها إلى المراكز الامتحانية وفي اختيارها للعاملين في مراحل الإعداد والتوزيع والمراقبة لسد الثغرات ومنع تسرب الاسئلة. ويفترض لهذا الغرض أن تشكل الوزارة لجنة مستقلة أولى مهمتها الوحيدة إعداد الأسئلة المختلفة بثلاثة أو أربعة نماذج مختلفة تغطي المادة العلمية في الكتب المدرسية مع أجوبتها النموذجية واحتساب الوقت المعياري للإجابة عن السؤال الواحد وعن جميع الأسئلة على أن لا يزيد عدد أعضاء اللجنة في كل مادة علمية عن خمسة أعضاء. وأن تكون هناك لجنة مستقلة ثانية بعدد أعضاء أقل مهمتها اختيار نموذج أسئلة الامتحان دون علم أعضاء لجنة اعداد الأسئلة. وأعضاء اللجنة الثانية هم من يستنسخوا أسئلة الامتحانات بعدد طلاب كل امتحان/مركز وتسليمها بمظاريف مغلقة ومختومة وفي توقيتات مناسبة إلى مديريات تربية بغداد والمحافظات التي تتولى توزيع المظاريف السرية المختومة بإجراءات رسمية سليمة إلى مدراء المراكز الامتحانية. ووفقا" لهذه الآلية يتحمل أعضاء اللجنة الثانية لوحدهم مسؤولية تسرب الأسئلة قبل وقت الامتحان. لهذا يستحق أعضاء اللجنة الثانية مكافآت مالية أكبر من أعضاء اللجنة الأولى على أن تستبعد الهواتف الخلوية إثناء عمل اللجنتين ويستبدل جميع أعضاءهما سنويا". في المراكز الامتحانية يقوم مدير كل مركز امتحاني بحضور مشرف تربوي بفتح المظروف السري المغلق أمام مجموعتين من المراقبين والطلبة بعد تثبيت أسماؤهم وتواقيعهم على كل مظروف وتنظيم محضر فتح مظروف الأسئلة بالمكان والزمان وأسماء الأشخاص الحاضرين والموقعين على أن يمنع أدخال الهواتف الخلوية لمدير المركز والمشرف والمراقبين والطلبة الممتحنين أثناء فترة الامتحان. ومثل هذه الإجراءات إذا ما طٌبقت بشكل سليم ومنظم يمكن أن تحد من تسرب الأسئلة الوزارية بشكل لا تحتاج وزارة التربية فيها إلى قطع الإنترنيت عن المواطنين