أغيثوا مرضى الأورام .. من سرطان اللجان الاستشارية والضوابط والتعليمات الوزارية الخبيثة !!
في الوقت الذي تشهد فيه المؤسسات الصحية والمراكز التخصصية إنهاكاً وتعباً واضحا بالتزامن مع ارتفاع اعداد مرضى السرطان ، يشهد القاصي قبل الداني عن الدور الكبير الذي لعبه مركز الانبار التخصصي لعلاج الاورام بإدارته الرائعة وكادره المحترف ومديره القدير بعلمه وانسانيته ، وبروحه العالية التي لا تقبل المساومة على حياة المرضى الضعفاء ،صاحب الوجه البشوش الذي يرتبط التفاؤل بوجوده في مؤسسته وكادره الذي يستقبل مرضاه كل يوم بأحلى ابتسامة واحلى روح تمتلك الامل الذي يهبونه لمرضاهم دون مقابل .
مؤخرا ، زف لنا هذا المركز اخبارا مفرحة تحمل في طياتها بشائر انفراجة طال انتظارها بتوفر العلاجات المكلفة التي لم توفرها الدولة لمرضى الاورام سابقا ، والتي كلفت المرضى ومعيليهم مبالغ طائلة ،، يصعب تقديرها بالارقام ويصعب وصف صبرهم على هذه المعاناة الكبيرة ، وعزاؤهم بأن الصبر مفتاح الفرج ، وعاقبة الصبر الجميل جميلة .
المفاجأة ، اننا اليوم وجدنا مدير المركز وهو لا يستطيع ان يمنع طيور الحزن من ان تحلق فوق رأسه وعقله المشغول بمتابعة مرضاه واحتياجاتهم وهو يفحص المرضى واحدا تلو الآخر ، نعم شاهدناه اليوم حزينا، بعد زيارتنا لمؤسسته التي يجاهد هو وموظفوها الابطال لدعم المرضى بكل ما يملكون من جهد وعطاء ، وحتى مال ينفقه من جيبه الخاص بشهادتي وشهادة عدد كبير من المرضى حين شاهدناه وهو يعطي احد مرضاه تكاليف التحاليل المختبرية ويقول له ( أنا أخوكم ) ، شاهدته اليوم متأثرا بشكل يصعب وصفه وهو يحاول ان يمتص غضب وحزن المرضى وتوسلاتهم له بمخاطبة الوزارة والحكومة من اجل عدم حجب بعض الادوية عنهم وتقليصها بسبب ضوابط وتعليمات وزارية اقرتها لجان استشارية في وزارة الصحة بتحديد صرف العلاجات مع تشكيل مجالس تحقيقية ولجان داخلية في كل مركز بناء على هذه الضوابط والتعليمات التي نزل وقعها كالصاعقة على رؤوس المرضى وكادر مركز الاورام ايضا .
وبعد استفساري من احد الموظفين ، وعدد من المرضى ايضا للتاكد اكثر عن من يقف وراء هذه القرارات ، وحرمان المرضى من العلاجات المكلفة التي لم يصدق المريض الى الآن ان الدولة صرفت له هذا النوع الجيد من الدواء مؤخرا .. وبالفعل اكدوا لي جيدا وبشكل دقيق ان لجنة استشارية وزارية قامت بتحديد صرف العلاجات عن فئة عمرية وتوفيرها لفئة عمرية اخرى !! علما ان هذا العلاج لم يحظى به مرضى السرطان سوى قبل فترة لا تتجاوز الشهرين او الثلاثة شهور .
وهنا نقول :
بدلا من ان تعمم وزارة الصحة العراقية تعليمات وزارية لتشكيل لجان تدقيقية وتحقيقية لاحصاء عدد الجرعات او عدد علب الادوية التي استلمها المريض المبتلى بمرض عضال وحجبها عنه ، عليهم تدقيق احصاءاتهم التالية من خلال مجمل اسئلة وعلامات استفهام وتعجب انهكت عقلنا وتفكيرنا ونحن في طريق عودتنا خائبين بصحبة مرضانا الذين انهكهم تعب العراق :
- هل قمتم باحصاء مرضى السرطان في العراق والذين يراجعون مراكز الاورام ممن يعانون الفقر والحاجة والعوز قبل اصدار حكم تقليص الادوية الضرورية لحياتهم و المخففة لآلام أوجاعهم ؟
- هل قامت هذه اللجان الاستشارية الوزارية وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية او الحكومة نفسها باحصاء عدد العراقيين الذي باعوا بيوتهم وسياراتهم او اراض يملكونها او مصوغات يدخرونها بدلا من احصاء عدد الادوية التي تصرف لهم ؟
- هل احصيتم عدد المرضى الذين يحتاجون الى الأدوية الثانوية الاخرى من فيتامينات ومسكنات وادوية الضغط والسكر وادوية لامراضهم النفسية ومعاناتهم اليومية ؟
- هل قمتم بتشكيل لجان تدقيقية تحقق في عدد المرضى العراقيين الذين اعتمدوا على أنفسهم في شراء الأدوية من الخارج ( سواء خارج القطر او خارج المؤسسات الحكومية) ؟
- هل احصيتم عدد المرضى الذين سافروا الى الخارج للعلاج بعدما طفح بهم الكيل جراء ما عانوه من اللجان الطبية التي تتسابق لالغاء علاجات يعتمد عليها المرضى المساكين في علاجهم من مرضهم الذي احال حياته رعبا ومأساة ؟
- هل احصت هذه اللجان بناء على تعليماتكم المئات بل الالاف من المصابين وهم يغادرون البلاد سنويًا للعلاج في مستشفيات الأردن وإيران وتركيا، وغيرها من الدول غير النفطية والمحاصرة اقتصاديا ، هاربين من تعليمات وقرارات وزارتهم الصحية ودولتهم النفطية الغنية غير المحاصرة ؟
- هل تمتلك وزارة الصحة العراقية أي إحصاءات رسمية عن المرضى المبتلين بالسرطان والمحرومين من تلقي الرعاية الصحية الجيدة والذين هربوا لتلقي المعونة من جمعيات خيرية ومنظمات دولية ، بسبب قلة الاهتمام بعلاجهم وحالتهم الصحية والنفسية في مؤسسات الدولة ؟
ام انها فقط تفكر في تشريع قرارات لاستقطاع مبالغ من مرتبات الموظفين مقابل تامين صحي لا وجود له على ارض المؤسسات الصحية الحكومية !!
- هل لدى اللجان الطبية الاستشارية احصاءات عن عدد مريضات الاورام من المتزوجات اوغيرهن او ممن يملكن اطفالا رضعا او صبية صغارا يراقبونهم كل صباح ومساء بعينين تنظر احداها بقلق الى مستقبلهم والاخرى الى النهاية كيف ستكون ؟؟
- هل لديهم احصائيات للمرضى الذين عاشوا ويعيشون تجارب الموت الوشيك كل يوم ؟؟؟
- هل لدى اللجان الاستشارية في وزارة الصحة احصاءات لمرضى السرطان من الرجال الذين منعهم المرض عن اعالة عوائلهم واطفالهم وهم يعيشون هم الموت من جهة وهم اعالة ذويهم من جهة أخرى ؟؟
- هل لدى الوزارة ارقام احصائية عن عدد المرضى الذين تشافوا بالعلاجات الرصينة المعتبرة والتي مهما غلا ثمنها لن تكلف دولتنا الغنية ربع تكلفة الحملات الانتخابية في يوم واحد ، مقارنة بالادوية القديمة المتأخرة عن ركب العلاجات التي حجبت اليوم عن مرضى مركز الانبار للأورام ؟؟
- هنالك مرحلتين أساسيتين في العلاج مفقودتين وهما المعجل الخطي (جهاز الاشعاع) والعلاج بكبسولة (الايودين المشع) وذلك بسبب الدمار الكبير الذي لحق بأبنية محافظة الانبار خلال حرب التحرير من داعش... فهل تمتلك هذه اللجان الاستشارية من الاطباء والصيادلة احصاءات عن عدد المواطنيين الذين يتلقون العلاج الاشعاعي على نفقتهم الخاصة وما يرافقها من تحاليل مختبرية وفحوصات واشعات تقييمية لحالتهم ؟؟ ام ان العلاج الكيمياوي والادوية الرخيصة هي اعظم ما تقدمه هذه المؤسسات الصحية في دولتنا الغنية ! وعلى الفقراء والموظفين وحتى الميسورين بيع منازلهم لقاء العلاجات الرصينية عالية التكلفة ؟؟؟!!
- هل لدى اللجان الاستشارية الوزارية وبالتنسيق مع موظفي البيئة في نفس الوزارة ( الصحة والبيئة !! )احصائيات عن المرضى الذين اصيبوا من تلوث الماء والهواء والتربة والناجمة ايضا عن انبعاثات السيارات والمولدات الكهربائية في المناطق المزدحمة مثلا ؟؟ لتمييزهم عن المرضى الذين تعرضوا إلى السموم بسبب مخلفات الحرب والقصف باليورانيوم المنضب ؟؟
ام ان همهم الوحيد هو احصاء عدد علب الادوية التي تعاطاها مريض السرطان قبل سنة او سنتين او شهر و شهرين !!
- أخيرا ، هل الحل في حالة حدوث عجز في صرف العلاجات هو التفريق بين مريض وآخر ، بأن يصرف العلاج لمريض معين وابلاغ المريض الاخر بالرجوع الى بيته ملوما محسورا ؟؟ رغم شراكتهم جميعا بنفس المرض ونفس الهم ؟؟
أسئلة كثيرة ، لا ننتظر الاجابة عنها !! ،، لان الجميع بات يعرف جواب كل سؤال في لعبة الصراحة المؤلمة في بلد العجائب والتناقضات .
نناشدكم فقط ، بأن اعيدوا لمرضى الأورام صرف علاجاتهم الروتينية الحالية ، واتركوهم يذهبون بعيدا عنكم يعانون الهم والحزن والتفكير والقلق في تدبير باقي احتياجاتهم المكلفة من فحوصات بالطب الذري وتحاليل مختبرية تخصصية ونسيجية ، ومشاكل مادية تفوق الوصف هم يتكفلون بها والله كاف عبده .
أحمد محمود دللي
مواطن عراقي !!
صحفي واعلامي