السبت, 01 يوليو 2023 02:21 مساءً 0 185 0
البرزنجي يطالب مجلس حقوق الإنسان الخروج بقرارٍ واضح ومُلزم لكل الدول بأن لا ينظروا إلى تشويه الأديان من باب حرية الرأي !
 البرزنجي يطالب مجلس حقوق الإنسان الخروج بقرارٍ واضح ومُلزم لكل الدول بأن لا ينظروا إلى تشويه الأديان من باب حرية الرأي !
‎في عام 2007, طلبتُ السماح لي بمداخلةٍ في إحدى جلسات مجلس حقوق الإنسان، ممثلًا عن جمهورية العراق بإعتباري -في حينها- رئيسًا لدائرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، رجوتُ في كلمتي مجلس حقوق الإنسان الخروج بقرارٍ واضح ومُلزم لكل الدول بأن لا ينظروا إلى تشويه الأديان من باب حرية الرأي والصحافة بل من باب إهانة الأمم والشعوب. إذ أننا كمسلمين وعددنا حوالي مليار مسلم -في حينها- نشعر بالإهانة الكبيرة حين يقوم البعض بإساءاتٍ شنيعة للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، أو للسيد المسيح أو لسيدنا موسى أو أيٍّ من الأنبياء والرسل (عليهم السلام) ونستنكر الإساءة لكل الديانات، ونعدُّ الإساءة للديانات والأنبياء أشدَّ من جريمة القتل، وبما أن القتل جريمةٌ يعاقب عليها القانون، فيُفترضُ أن تكون هذه الإساءات جريمةً يُحاسب عليها القانون. ‎وناشدتُ في مداخلتي كذلك، ممثلي الحكومات والدول ومنظمات المجتمع المدني، أن يتحلوا بمسؤولياتهم تجاه هذا الموضوع المهم، مؤكدًا أنها مسؤولية أصيلة لهم فضلًا عن كونها مسؤوليةً تقع على عاتق الشعوب والأفراد أيضًا. ‎إذ لا يمكن قبول إهانة أكثر من مليار مسلم بحجة حرية الرأي والتعبير، فالحرية تقف عند حدود حرية الآخرين، والذي يثيرنا ويُشعرنا بالمرارة والألم الشديدين حين نسمعُ من بعض الحكومات أن هذا الأمر هو حرية شخصية، وتساءلتُ حينها ألم يجدوا طريقًا للحرية إلا في إهانة الآخرين؟!! ‎بعد هذه المُداخلة بعدة سنوات، أصدرت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في فيينا حكمها النهائي بأن الرسول محمد يُعدُّ من المسلّمات الدينية التي لا يجبُ المساسُ بها وأن التعرض لهُ غير مسموحٍ عبر التلويح بمبادئ حرية التعبير. ‎أوردتُ هذا الحدث الذي تشرفتُ بأن أكون أحد فواعلهِ الأساسيين، وقدّرَ لي الله (سبحانه وتعالى) أن يجعلني، بحكم موقعي كدبلوماسي عراقي، سببًا في الدفاع عن دينهِ الحنيف ونبيهِ الكريم (صلى الله عليه وسلم)، بعد أن تعرض رسول الله (محمد صلى الله عليه وسلم) لإساءاتٍ شنيعة من بعض مدعي الحرية في أوربا -أوردتهُ- في معرض الرد على الحدث الجلل الذي ضجت الأمةُ الإسلامية كُلها -شعوبًا وحكومات- بتجرؤ شخص عراقي الأصل يقيم في السويد بحرق القرآن الكريم أمام الجامع الكبير في ستوكهولم بموافقة السلطات السويدية (حسب إدعائه)، مما أثار مشاعر الغضب لدى المسلمين في شتى أرجاء العالم، غيرةً على دينهم الحنيف ورموزهم المُقدسة، وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض لها الإسلام أو أحد رموزه إلى الإزدراء أو التشويه. ‎وهنا، أقول ومن الله التوفيق، كيف للمسلمين، أفرادًا وجماعاتٍ ودولًا، أن يردوا على هذه الإساءة الشنيعة؟ بالإستناد إلى أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأقوال علماء الأمة المعتبرين: ‎بدايةً، قرر القرآن الكريم أن الله (تعالى) سيحفظ الإسلام دينه الخاتم ورموزه، فقد أشار القرآن إلى أن الله (تعالى) سيحفظ القرآن الكريم، "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر: 9)، كما أشار إلى أن الله (تعالى) سيكفي رسوله (صلى الله عليه وسلم) المستهزئين، "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ" (الحجر: 95)، بناءً على ذلك يتضح أن الإسلام ورموزه (القرآن والرسول (صلى الله عليه وسلم)) محفوظون بفعلٍ إلهي وليس بفعلٍ بشري، لذا فإن الغاية من الرد على الإساءة إلى الإسلام، يجبُ أن لا تكون لحفظ الإسلام ورموزه فقط، بل ينبغي أن تهدف لدعوة غير المسلمين للإسلام، والتي تتضمن بالضرورة الرد على هذه الإساءة، وما تتضمنه من تعمد تقديم تصورات مشوهة وخاطئة عن الإسلام ورموزه. ‎إن الرد الجماهيري على الإساءة إلى الإسلام فى كل مرةٍ هو في الأصل فعل تلقائي، وليس من تدبير أوتخطيط جماعة أو جماعات معينة، ولا يمكن إعتبارها ظاهرةً سلبية، بل السلبي هو أن يتخذ هذا الرد الجماهيري أساليب خاطئة. ‎بناءً على ذلك، فإن المطلوب هو تحويل هذا الرد الجماهيري من الشكل التلقائي إلى الشكل المنظم؛ من رد الفعل الذاتي(العاطفي) إلى الفعل الموضوعي (الشرعي): فالمطلوب هو تحويل الرد على الإساءة إلى الإسلام ورموزه من رد فعل ذاتي عاطفي منفلت من ضوابط الشرع، إلى فعل موضوعي مقيد بضوابط الشرع. ‎فالمسلم مأمورٌ ومطالبٌ بأن يكون في كل ما يأتي ويذر على هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) وسنته إمتثالًا لقوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكمْ فِي رَسولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" فإنه وفي نطاق ذلك يجب أن يكون إستنكار المسلمين لهذا الفعل الإجرامي وفق ما شرعه الله (عز وجل) في كتابه وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) فلا يجرهم الحنق والغضب إلى أن يتجاوزوا المشروع إلى الممنوع فيكونوا بذلك قد حققوا بعض أهداف هذا المجرم من حيث لا يشعرون، ويحرم أن يأخذوا البريء بجريرة المجرم الآثم ويعتدوا على معصوم الدم والمال أو يتعرضوا للمنشآت العامة بالحرق والهدم فإن هذه الأفعال تشوه وتسيء إلى الدين الإسلامي ولا يرضاها الله (عز وجل) وليست من سنة النبي صلى الله عليه وسلم في شيء، ومن الضوابط الشرعية التي يجب أن تقيد الرد على الإساءة إلى الإسلام ورموزه: ‎- عدم اللجوء للعدوان وما يتضمن ذلك من إستخدام وسائل التعبير السلمية ونبذ العنف. ‎- عدم اللجوء إلى التخريب. ‎- عدم التعرض للمُعاهَدين والمستأمنين (وفى حكمهم البعثات الدبلوماسية والسياح والخبراء الأجانب )، إذ ورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا). ‎- عدم الإكتفاء بالرد القولي على الإساءة إلى الإسلام، وإستصحاب الرد العملي الفعلي المتمثل في الإلتزام بمفاهيم وقيم وقواعد الدين. ‎- إستخدام إسلوب الإعراض في بعض الحالات، كما في حالات الأعمال ذات المضمون التافه، أو الأعمال ذات الدوافع الشخصية كطلب الشهرة، وقد أشارت العديد من النصوص إلى هذا الاسلوب، قال تعالى: "واعرض عن الجاهلين"، وقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في الرد على هجاء بعض شعراء قريش للرسول (صلى الله عليه وسلم) (أميتوا الباطل بالسكوت عنه). ‎لذا فان نجاح الرد على الإساءة إلى الإسلام لن يتحقق إلا من خلال رؤية شاملة، لا تستبعد أي بُعدٍ من أبعاده، ومن أهم هذه الأبعاد هو البُعد الحضاري للرد على الإساءة إلى الإسلام بإلتقاء قوى الأمة الإسلامية وتياراتها وفئاتها كافة، على استراتيجية للرد على الإساءة إلى الإسلام، تتجاوز الرد الآني والتلقائي، إلى الرد المستمر والمنظم، من خلال آليات متعددة منها: ‎- [ ] توظيف التقدم التقني في وسائل الإتصال والإعلام في التعريف بالإسلام ورموزه. ‎- [ ] الإهتمام بترجمة كل ما يتعلق بالإسلام دينًا وحضارةً وفكرًا إلى اللغات الحية كافة. ‎- [ ] إستخدام الوسائل القانونية، والإستناد إلى القوانين التي تجرم الإساءة إلى معتقدات الآخرين والعنصرية والكراهية في الغرب في الرد على الإساءة إلى الإسلام ورموزه. ‎- [ ] إستخدام أدوات التعبير السلمية كافة. ‎- [ ] مقاطعة الجهات ذات الصلة بنشر وترويج الأعمال المسيئة للإسلام ورموزه. ‎- [ ] الرد على الأعمال المسيئة بالحجة والبرهان وبالرجوع إلى النصوص الدينية. ‎عليه، فإن الرد على كل من أساء إلى الإسلام ردًا عشوائيًا سيزيد الأمر سوءًا، بل لا بد من تجاهله كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم. ‎ونحن نعلم علم اليقين أن الله ناصر دينه، كما نعلم أن الله (تعالى) قد أكمل دينه ورضيه للناس، ولن ينقص منه أحد مهما حاول أن يسيء إليه. ‎ولذلك فأحسن طريقة للرد على من أساء إلى ديننا، هي التعامل بالحسنى والقدوة الحسنة، والتعريف بمزايا الإسلام وما جاء به من أخلاق حسنة، وتجاهل كل من أساء إلى الإسلام، وكأن شيئا لم يكن، حتى لا نعطيه أكثر مما يستحق، وحتى لا نكون سببًا لنشر تلك الإساءات، ولنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة، فلم يثبت أنه سب أحدًا أو رد الإساءة بمثلها رغم ما تعرض له من السخرية والإستهزاء والأذى من طرف كفار قريش، بل صبر حتى نصره الله تعالى. ‎عودًا على بدء، فقد رأيتم كيف أن الخطاب الدبلوماسي الواضح في أهم منبر عالمي وهو مجلس حقوق الإنسان في جنيف، قد آتى ثمارهُ بإعتماد المحكمة قرارًا بعدم جواز المساس بنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم)، وإن كان بعد عدة سنين. ‎عمر البرزنجي ‎وكيل وزارة الخارجية العراقية للشؤون متعددة الأطراف والشؤون القانونية 2023/6/29 https://youtu.be/PHLPVAsl6ME https://www.facebook.com/1400080980260229/posts/2371493313118986?sfns=mo

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

Admin Admin
المدير العام

sss

شارك وارسل تعليق

أخبار مشابهة

بلوك المقالات

الفيديوهات

الصور

https://www.alshaya.com/campaigns/IHOP/ihop-ksa/index-ar.html?gclid=EAIaIQobChMI7sTGzbDh6AIVyZl3Ch17hAIDEAEYASAAEgKcrfD_BwE

أخر ردود الزوار

أعداد الجريدة

القنوات الفضائية المباشرة

استمع الافضل